على هامش افتتاح السوق الموازية «نمو» نهاية الشهر الماضي قال وزير التجارة الدكتور ماجد القصبي إن «ظاهرة التستر التجاري ظاهرة غير صحية ومضرة بالاقتصاد الوطني» وذكر بأن «الوزارة أعدت دراسة متكاملة حول مسبباتها».
وأضاف الوزير في حديثه: «إن الدراسة تتضمن وضع خطط لمعالجة تلك المسببات وتعديل الأنظمة، حيث يصبح للوافد الحق في الاستثمار ضمن ضوابط ومعايير محددة ودفع ضريبة بشكل واضح دون أن يضطر إلى التخفي».
وفي يوم الأحد الموافق 19 مارس 2017 نشرت معظم الصحف المحلية خبر مفاده أن وزارة التجارة والاستثمار تتجه للسماح للوافد الأجنبي بالاستثمار في المهن الحرة، مقابل ضريبة تصل إلى 20% سنويا، بعد أن كانت هذه المهن حكرا على السعوديين ويكون للمستثمر الأجنبي حق نقل كفالته على نفسه بحيث يعامل كمستثمر في المهن الحرة دون وجود كفيل بعد أخذ ترخيص الاستثمار في أي مجال كالورش، ومحال التموينات، والمقاولات، وغيرها من المجالات الأخرى التي ستخضع للأنظمة.
أتفق مع معالي الوزير بأن التستر التجاري مُضر بالاقتصاد الوطني؛ حيث تضع بعض التقديرات خسائر هذه الآفة على الاقتصاد الوطني بين 20% - 30% سنويا من إجمالي الناتج المحلي ولكن الخطأ لا يعالج بالخطأ يا معالي الوزير، فالنظام المُقترح ربما يساعد في الحد من ظاهرة التستر لكنه سيخلق مشكلة أكبر وأعظم للاقتصاد السعودي وسندفع ثمنها غاليا في المستقبل، ونحن لدينا قانون الاستثمار الأجنبي، ولا أعتقد بأننا نحتاج إلى قانون جديد يشرعن استيراد تجار الشنطة والكشكات من قبل ضعفاء النفوس والمتنفذين وتجار التأشيرات مقابل حفنة من الريالات، باعتبار أن هذا سيخلق سوقا سوداء للتأشيرات وسيغرق الاقتصاد المحلي ويضيق على السعوديين في أرزاقهم مثلما أغرق نظام الكفالة سوق العمل بالعمالة الرخيصة وترك أبنائنا وبناتنا فريسة للبطالة والعوز وضائقة اليد.
لك أن تتخيل معالي الوزير أن بلدا يعاني لعقود من البطالة المزمنة التي يتجاوز معدلها بين المواطنين بشكل عام 12% ومعدل البطالة بين شبابه الذين تراوح أعمارهم بين 25 و30 سنة والذين هم عماد قوته العاملة وصمام الأمان لمستقبله بعد الله سبحانه وتعالى تصل إلى 40% -وفقاً لأرقام الهيئة العامة للإحصاء- ومع هذا يصر على فتح الباب على مصراعيه لإغراق سوق العمل بالعمالة الأجنبية الرخيصة، إن هذا التضارب الصارخ يوضح بأن لدينا مشكلة كبيرة في سوق العمل والقوانين التي تنظمه.
ربما يتسأل القارئ الكريم عن علاقة السماح لإخواننا الوافدين بالاستثمار في المهن الحرة مقابل دفع ضرائب تصل إلى 20% ونظام الكفالة، وللإيضاح فتجارنا الجدد هم في الأصل مستقدمون كعمالة على نظام الكفالة ومُكنوا من ممارسة التجارة بشكل غير قانوني من قبل بعض ضعفاء النفوس والطفيليين والمتنفذين وتجار الفيز والتأشيرات مقابل حفنة من الريالات، وهذا هو مربط الفرس.
نحن في بلد حباة الله بالكثير من النعم وأعداد كثيرة من سكان الدول من حولنا على استعداد لتكبد العناء ودفع الكثير من المال للقدوم لهذا البلد الطيب من أجل البحث عن لقيمة العيش.
يقول لي بعض العارفين ببواطن الأمور إن أسعار تأشيرة العمالة في السوق السوداء تتراوح بين 20-30 ألف ريال للتأشيرة الواحدة، ولك أن تتخيل معالي الوزير أسعار تأشيرة (العامل/التاجر) في السوق السوداء بعد صدور النظام المُقترح.
الحل الأمثل
إن النظام الجديد سوف يخلق أطيافا جديدة من طبقة «الطفيلية»، وتجار الفيز، والتأشيرات؛ وسيضاف إليهم طيف جديد من طبقة (التجار/العمال) الجديد، وهذا سيدفع تجارة التأشيرات إلى مستوى جديد لم نعهده من قبل وسيتحول (العامل/التاجر) المُستقدم إلى تأجر فيز وتأشيرات حيث سيبدأ باستيراد عائلته وأبناء قريته وأبناء القرى والمدن المجاورة بدعوى مساعدته في تنمية تجارته حيث أصبح وجوده قانونيا ويدفع ضرائب ومع الوقت تتحول الجيوش الجرارة التي يستوردنها مقابل مبالغ طائلة لتأشيرة الدخول إلى تجار مثلة وسيستوردون البقية من أبناء جلدتهم بنفس الطريقة والأسلوب.
باختصار يا معالي الوزير النظام المُقترح ليس حلاً بل كارثة، وخطأ إستراتيجي سندفع ثمنه باهظا أجيالا عدة، وسيشرعن استيراد تجار الشنطة والكشكات وسيخلق مستوى جديد من تجارة الفيز وسوق سوداء التأشيرات (التجار/العمال) وسيغرق الاقتصاد المحلي، ويضيق على السعوديين في أرزاقهم مثلما أغرق نظام الكفالة سوق العمل وترك أبنائنا وبناتنا فريسة للبطالة في بلد عضو في نادي أكبر 20 اقتصادا في العالم.
الحل من وجهة نظري هو إلغاء نظام الكفالة واستبداله بتصاريح العمل، وبهذا لا نقضي على التستر التجاري فحسب بل نحرر سوق العمل ونجعل آليته تعمل من جديد ونوفر فرصا وظيفية لأبنائنا وبناتنا لكي يساهموا في تنمية بلدهم، وبناء مستقبلهم ومستقبل أبنائهم؛ أما فيما يخص إخواننا الوافدين فمن أراد الاستثمار منهم تطبق عليه شروط وضوابط قانون الاستثمار الأجنبي طالما يحقق هدفي الاستثمار الأجبي وهما توظيف السعوديين وجلب التقنية. ما عدا هذين الشرطين فلا قيمة لأي استثمار أجنبي مهما بلغ حجمه.
هذا القانون وأمثاله يجعلنا نعيد النظر في استمرار تولي الإدارات الحكومية المختلفة للجمع بين السلطة التنفيذية والتشريعية والرقابية، وهذا النهج ربما خدمنا في مرحلة من المراحل خصوصا في مرحلة تأسيس وبناء الدولة حيث تتسم هذه المرحلة بالبساطة التي استمدت من كون الحياة بسيطة وأعمال الدولة وما واكبها من تشريعات وتنظيمات كانت في حدها الأدنى ولا تتطلب قدرا كبيرا من الاحترافية، والخبرة التراكمية وعلى الرغم من التضارب بين هذه الوظائف إلا أن بساطة جهاز الدولة الإداري بأجهزته المختلفة وكذلك ضرورة مرحلة التأسيس وبناء الدولة لم يكن هذا التضارب وقلة الخبرة في التشريع تشكل عقبة كبيرة في سبيل تطور البيئة التنظيمية والاقتصادية والقانونية.
تأثير التشريعات
مع مرور الزمن، وتطور الحياة، ونمو الدولة والمجتمع أصبحت أنظمة الدولة وإدارتها المختلفة أكثر تعقيدا؛ وأصبح سن التشريعات والأنظمة التي لها تأثير مباشر أو غير مباشر على الكثير من الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية يتطلب قدرا كبيرا من الخبرة والمعرفة التراكمية التي ليست بالضرورة متوفرة في موظفي القطاع العام فضلا عن تعارض هذه الممارسة مع ثقافة الحوكمة الرشيدة التي تتطلب الاستقلالية بين الجهات التشريعية والتنفيذية والرقابية ومن خطورة بقاء الوظيفة التشريعية والرقابية بيد السلطة النتفيذية.
كفاءات متخصصة في القانون والاقتصاد
اقترح عبد العزيز الوذناني أن يتولى العملية التشريعية كفاءات متخصصة ذات خبرة ومعرفة تراكمية في القانون والاقتصاد والمعارف الإنسانية الأخرى لكي تعطى الأنظمة المقترحة الدراسة الكافية من حيث البحوث والاسترشاد بأفضل الممارسات الدولية ودراسة الآثار الاقتصادية والاجتماعية المباشرة وغير المباشرة للأنظمة المقترحة.
وقال: كذلك يجب أن تتسم العملية التشريعية بالشفافية العالية وأن يؤخذ رأي المختصين وجميع الأطراف ذات العلاقة (stakeholders) وأن يراعى فيها مصالح كافة الأطراف وخاصة الأطراف الضعيفة في المجتمع. حتى يحقق سن القوانين الهدف منه، ويترك المجال للجميع للمشاركة.
وأضاف: ربما يكون مجلس الشورى هو الأنسب لهذه المهمة حيث تتوافر فيه الكفاءات الوطنية المؤهلة علميا وعمليا والتي تملك الخبرات والمعارف التراكمية الواسعة في شتى المجالات التي دون شك سوف تثري التشريعات الوطنية وتدفعها لمواكبة التقدم والتطور الاجتماعي والسياسي والاقتصادي الذي تنعم به المملكة ولله الحمد في ظل قيادة ورعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أطال الله في عمره ومتعه بالصحة والعافية ومده بعونه وتوفيقه وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف وولي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، وكذلك مجلس الشورى لديه القدرة على إدارة ودراسة ومناقشة التشريعات المقترحة بإشراك الجميع بحيث يتم مناقشة مشاريع القوانين المقترحة بشفافية عالية ويُدعى لها المختصين وقطاع الأعمال والإدارات والهيئات الحكومية المختلفة ومؤسسات المجتمع لمناقشتها وتقديم المقترحات والمرئيات بشأنها وكذلك يتم طرح مقترحات القوانين للرأي العام من خلال الإعلام الوطني المتخصص لاطلاع أطياف المجتمع المختلفة عليها واستقبال مقترحاتهم وآرائهم حول هذه المشاريع.
وتابع يقول: بهذا يكون لدينا قوانين خضعت للدراسة واسترشدت بأفضل الممارسات العالمية والمحلية واستفادت من الخبرات والمعارف التراكمية لقطاع واسع من المختصين وقطاع الأعمال والإدارات والهيئات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني واستمدت شرعيتها من التوافق الوطني عليها.
* أستاذ المحاسبة المشارك ورئيس قسم المحاسبة بكلية إدارة الأعمال / جامعة الفيصل – الرياض
wathnani@alfaisal.edu
وأضاف الوزير في حديثه: «إن الدراسة تتضمن وضع خطط لمعالجة تلك المسببات وتعديل الأنظمة، حيث يصبح للوافد الحق في الاستثمار ضمن ضوابط ومعايير محددة ودفع ضريبة بشكل واضح دون أن يضطر إلى التخفي».
وفي يوم الأحد الموافق 19 مارس 2017 نشرت معظم الصحف المحلية خبر مفاده أن وزارة التجارة والاستثمار تتجه للسماح للوافد الأجنبي بالاستثمار في المهن الحرة، مقابل ضريبة تصل إلى 20% سنويا، بعد أن كانت هذه المهن حكرا على السعوديين ويكون للمستثمر الأجنبي حق نقل كفالته على نفسه بحيث يعامل كمستثمر في المهن الحرة دون وجود كفيل بعد أخذ ترخيص الاستثمار في أي مجال كالورش، ومحال التموينات، والمقاولات، وغيرها من المجالات الأخرى التي ستخضع للأنظمة.
أتفق مع معالي الوزير بأن التستر التجاري مُضر بالاقتصاد الوطني؛ حيث تضع بعض التقديرات خسائر هذه الآفة على الاقتصاد الوطني بين 20% - 30% سنويا من إجمالي الناتج المحلي ولكن الخطأ لا يعالج بالخطأ يا معالي الوزير، فالنظام المُقترح ربما يساعد في الحد من ظاهرة التستر لكنه سيخلق مشكلة أكبر وأعظم للاقتصاد السعودي وسندفع ثمنها غاليا في المستقبل، ونحن لدينا قانون الاستثمار الأجنبي، ولا أعتقد بأننا نحتاج إلى قانون جديد يشرعن استيراد تجار الشنطة والكشكات من قبل ضعفاء النفوس والمتنفذين وتجار التأشيرات مقابل حفنة من الريالات، باعتبار أن هذا سيخلق سوقا سوداء للتأشيرات وسيغرق الاقتصاد المحلي ويضيق على السعوديين في أرزاقهم مثلما أغرق نظام الكفالة سوق العمل بالعمالة الرخيصة وترك أبنائنا وبناتنا فريسة للبطالة والعوز وضائقة اليد.
لك أن تتخيل معالي الوزير أن بلدا يعاني لعقود من البطالة المزمنة التي يتجاوز معدلها بين المواطنين بشكل عام 12% ومعدل البطالة بين شبابه الذين تراوح أعمارهم بين 25 و30 سنة والذين هم عماد قوته العاملة وصمام الأمان لمستقبله بعد الله سبحانه وتعالى تصل إلى 40% -وفقاً لأرقام الهيئة العامة للإحصاء- ومع هذا يصر على فتح الباب على مصراعيه لإغراق سوق العمل بالعمالة الأجنبية الرخيصة، إن هذا التضارب الصارخ يوضح بأن لدينا مشكلة كبيرة في سوق العمل والقوانين التي تنظمه.
ربما يتسأل القارئ الكريم عن علاقة السماح لإخواننا الوافدين بالاستثمار في المهن الحرة مقابل دفع ضرائب تصل إلى 20% ونظام الكفالة، وللإيضاح فتجارنا الجدد هم في الأصل مستقدمون كعمالة على نظام الكفالة ومُكنوا من ممارسة التجارة بشكل غير قانوني من قبل بعض ضعفاء النفوس والطفيليين والمتنفذين وتجار الفيز والتأشيرات مقابل حفنة من الريالات، وهذا هو مربط الفرس.
نحن في بلد حباة الله بالكثير من النعم وأعداد كثيرة من سكان الدول من حولنا على استعداد لتكبد العناء ودفع الكثير من المال للقدوم لهذا البلد الطيب من أجل البحث عن لقيمة العيش.
يقول لي بعض العارفين ببواطن الأمور إن أسعار تأشيرة العمالة في السوق السوداء تتراوح بين 20-30 ألف ريال للتأشيرة الواحدة، ولك أن تتخيل معالي الوزير أسعار تأشيرة (العامل/التاجر) في السوق السوداء بعد صدور النظام المُقترح.
الحل الأمثل
إن النظام الجديد سوف يخلق أطيافا جديدة من طبقة «الطفيلية»، وتجار الفيز، والتأشيرات؛ وسيضاف إليهم طيف جديد من طبقة (التجار/العمال) الجديد، وهذا سيدفع تجارة التأشيرات إلى مستوى جديد لم نعهده من قبل وسيتحول (العامل/التاجر) المُستقدم إلى تأجر فيز وتأشيرات حيث سيبدأ باستيراد عائلته وأبناء قريته وأبناء القرى والمدن المجاورة بدعوى مساعدته في تنمية تجارته حيث أصبح وجوده قانونيا ويدفع ضرائب ومع الوقت تتحول الجيوش الجرارة التي يستوردنها مقابل مبالغ طائلة لتأشيرة الدخول إلى تجار مثلة وسيستوردون البقية من أبناء جلدتهم بنفس الطريقة والأسلوب.
باختصار يا معالي الوزير النظام المُقترح ليس حلاً بل كارثة، وخطأ إستراتيجي سندفع ثمنه باهظا أجيالا عدة، وسيشرعن استيراد تجار الشنطة والكشكات وسيخلق مستوى جديد من تجارة الفيز وسوق سوداء التأشيرات (التجار/العمال) وسيغرق الاقتصاد المحلي، ويضيق على السعوديين في أرزاقهم مثلما أغرق نظام الكفالة سوق العمل وترك أبنائنا وبناتنا فريسة للبطالة في بلد عضو في نادي أكبر 20 اقتصادا في العالم.
الحل من وجهة نظري هو إلغاء نظام الكفالة واستبداله بتصاريح العمل، وبهذا لا نقضي على التستر التجاري فحسب بل نحرر سوق العمل ونجعل آليته تعمل من جديد ونوفر فرصا وظيفية لأبنائنا وبناتنا لكي يساهموا في تنمية بلدهم، وبناء مستقبلهم ومستقبل أبنائهم؛ أما فيما يخص إخواننا الوافدين فمن أراد الاستثمار منهم تطبق عليه شروط وضوابط قانون الاستثمار الأجنبي طالما يحقق هدفي الاستثمار الأجبي وهما توظيف السعوديين وجلب التقنية. ما عدا هذين الشرطين فلا قيمة لأي استثمار أجنبي مهما بلغ حجمه.
هذا القانون وأمثاله يجعلنا نعيد النظر في استمرار تولي الإدارات الحكومية المختلفة للجمع بين السلطة التنفيذية والتشريعية والرقابية، وهذا النهج ربما خدمنا في مرحلة من المراحل خصوصا في مرحلة تأسيس وبناء الدولة حيث تتسم هذه المرحلة بالبساطة التي استمدت من كون الحياة بسيطة وأعمال الدولة وما واكبها من تشريعات وتنظيمات كانت في حدها الأدنى ولا تتطلب قدرا كبيرا من الاحترافية، والخبرة التراكمية وعلى الرغم من التضارب بين هذه الوظائف إلا أن بساطة جهاز الدولة الإداري بأجهزته المختلفة وكذلك ضرورة مرحلة التأسيس وبناء الدولة لم يكن هذا التضارب وقلة الخبرة في التشريع تشكل عقبة كبيرة في سبيل تطور البيئة التنظيمية والاقتصادية والقانونية.
تأثير التشريعات
مع مرور الزمن، وتطور الحياة، ونمو الدولة والمجتمع أصبحت أنظمة الدولة وإدارتها المختلفة أكثر تعقيدا؛ وأصبح سن التشريعات والأنظمة التي لها تأثير مباشر أو غير مباشر على الكثير من الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية يتطلب قدرا كبيرا من الخبرة والمعرفة التراكمية التي ليست بالضرورة متوفرة في موظفي القطاع العام فضلا عن تعارض هذه الممارسة مع ثقافة الحوكمة الرشيدة التي تتطلب الاستقلالية بين الجهات التشريعية والتنفيذية والرقابية ومن خطورة بقاء الوظيفة التشريعية والرقابية بيد السلطة النتفيذية.
كفاءات متخصصة في القانون والاقتصاد
اقترح عبد العزيز الوذناني أن يتولى العملية التشريعية كفاءات متخصصة ذات خبرة ومعرفة تراكمية في القانون والاقتصاد والمعارف الإنسانية الأخرى لكي تعطى الأنظمة المقترحة الدراسة الكافية من حيث البحوث والاسترشاد بأفضل الممارسات الدولية ودراسة الآثار الاقتصادية والاجتماعية المباشرة وغير المباشرة للأنظمة المقترحة.
وقال: كذلك يجب أن تتسم العملية التشريعية بالشفافية العالية وأن يؤخذ رأي المختصين وجميع الأطراف ذات العلاقة (stakeholders) وأن يراعى فيها مصالح كافة الأطراف وخاصة الأطراف الضعيفة في المجتمع. حتى يحقق سن القوانين الهدف منه، ويترك المجال للجميع للمشاركة.
وأضاف: ربما يكون مجلس الشورى هو الأنسب لهذه المهمة حيث تتوافر فيه الكفاءات الوطنية المؤهلة علميا وعمليا والتي تملك الخبرات والمعارف التراكمية الواسعة في شتى المجالات التي دون شك سوف تثري التشريعات الوطنية وتدفعها لمواكبة التقدم والتطور الاجتماعي والسياسي والاقتصادي الذي تنعم به المملكة ولله الحمد في ظل قيادة ورعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أطال الله في عمره ومتعه بالصحة والعافية ومده بعونه وتوفيقه وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف وولي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، وكذلك مجلس الشورى لديه القدرة على إدارة ودراسة ومناقشة التشريعات المقترحة بإشراك الجميع بحيث يتم مناقشة مشاريع القوانين المقترحة بشفافية عالية ويُدعى لها المختصين وقطاع الأعمال والإدارات والهيئات الحكومية المختلفة ومؤسسات المجتمع لمناقشتها وتقديم المقترحات والمرئيات بشأنها وكذلك يتم طرح مقترحات القوانين للرأي العام من خلال الإعلام الوطني المتخصص لاطلاع أطياف المجتمع المختلفة عليها واستقبال مقترحاتهم وآرائهم حول هذه المشاريع.
وتابع يقول: بهذا يكون لدينا قوانين خضعت للدراسة واسترشدت بأفضل الممارسات العالمية والمحلية واستفادت من الخبرات والمعارف التراكمية لقطاع واسع من المختصين وقطاع الأعمال والإدارات والهيئات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني واستمدت شرعيتها من التوافق الوطني عليها.
* أستاذ المحاسبة المشارك ورئيس قسم المحاسبة بكلية إدارة الأعمال / جامعة الفيصل – الرياض
wathnani@alfaisal.edu